مناظرة برد الهمداني مع عمرو بن العاص
ذكروا أن رجلاً من همذان يقال له برد قدم على معاوية، فسمع عمراً يقـع فـي عليّ ـ عليه السلام ـ ، فقال له : يا عمرو ، إن أشياخنا سمعوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه(1)ث ، فحقّ ذلك أم باطل ؟
فقال عمرو : حقّ ، وأنا أزيدك أنه ليس أحد من صحابة رسول الله له مناقب مثل مناقب عليّ(2)؛ ففزع الفتى ؟!
فقال عمرو : إنه أفسدها بأمره في عثمان .
فقال برد : هل أمر أو قتل ؟
قال : لا ، ولكنه آوى ومنع .
قال : فهل بايعه الناس عليها ؟
قال : نعم .
قال : فما أخرجك من بيعته ؟
قال : اتهامي إياه في عثمان(3).
قال له : وأنت أيضاً قد اتهمت .
قال : صدقت ، فيها خرجت إلى فلسطين .
فرجع الفتى إلى قومه ، فقال : إنّا أتينا قوماً أخذنا الحجة عليهم من أفواههم ، عليّ على الحقّ فاتبعوه(4)
____________
ه(1) تقدمت تخريجاته .
ه(2) فقد أطبق الجمهور أنه ما جاء لاَحد من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ من الفضائل كما جاء لاَمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ.
قال رجل لابن عباس : سبحان الله ما أكثر مناقب علي ـ عليه السلام ـ وفضائله إني لاَحسبها ثلاثة آلاف ، فقال ابن عباس : أو لا تقول : إنها الى ثلاثين ألفاً أقرب .
وقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: لو أن الغياض أقلام والبحر مداد والجن حسّاب والانس كتاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب ـ عليه السلامـ .
وقال أحمد بن حنبل : ما جاء لاَحد من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ من الفضائل مثل ما جاء لعلي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ .
راجع : المناقب للخوارزمي ص 32 ـ 33 ح 2 و 3 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص275 ب 58 .
وحُكي عن محمد بن إدريس الشافعي إمام المذهب الشافعي ، أنه قال في جواب من سأله عن علي ـ عليه السلام ـ: ما أقول في حق من أخفت أولياؤه فضائله خوفاً ، وأخفت اعداؤه فضائله حسداً؟ ، وشاع من بين ذين ماملاَ الخافقين .
ه(3) نعم هكذا كلُ مَنْ اراد ان يقاتل أمير المؤمنين أو يشتمه أو يخرج عن طاعته ، تذرع بقميص عثمان ، فراحوا بهذا القميص يؤججون عليه نار الفتن والمحن ومن ذلك حرب الجمل وصفين وغيرهما .
قال مروان بن الحكم : ما كان اُحدٌ أدفع عن عثمان من علي ـ عليه السلام ـ ، فقيل له : ما لكم تسبّونه على المنابر ؟ قال : إنَّه لا يستقيم لنا الاَمر إلا بذلك .
راجع الصواعق المحرقة ص 55 ، ترجمة امير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج 3 ص 127 ح1149، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 13 ص220.
نعم لا يستقيم لهم الاَمر الا بقتاله وشتمه ؟! فلله قلبُ مَنْ يُرزء بهذه المصائب ، فانا لله وانا إليه راجعون ، وسيعلم الذين ظلموا أىي منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين .
ه(4) الامامة والسياسة لابن قتيبه ج1 ص97 .